سألني ابني الحسن ، المسمى حسن ، المتفوق دائما في المدرسة ، والدارس حاليا في كلية الهندسة ، عن معرفتي بالكهرباء والإلكترونيات وما تراكم عندي فيها من تجارب وخبرات ، فاستخرت الله العلي القدير وسألته حسن التدبير ، واستقر في خاطري أن أكتب هذه اللمحات، وسميتها "الموجات" ، والتي أفصل فيها عما حصّلت ، من هذا العلم ووصلت ، ابتغي بها وجه الله ، وحبه ورضاه .


الموجة الأولى
اعلم يا ابني الكبير ، يا من رجوته قبل مولده من الله العلي القدير ، أنني أعتبر الإلمام بعلوم الكمبيوتر والإلكترونيات ، فرضا في هذا العصر على المسلمين من الشباب والشابات ، واعلم أيضا أن من فاته تعلم شيء من علوم الحاسب والإلكترونيات فهو في ظني من الأموات ، أو يعيش في زمن قد انقضى وفات .
وقد هيأ الله لي أسباب الخير في الصغر ، فشغلت بتحصيل هذا العلم من كل مقر ، لكنّ الله شاء ما كان ، وما شاء الله دائما وأبدا كان ، فقد درست في الجامعةِ الفلسفة ، وقيت يا بني من كل شرٍ وسفه ، وظل شغفي بالإلكترونيات قائما ، أبيت بالترانزيستور والآي سي متفكرا هائما !
واعلم يا حسن ، يا صاحب الخلق الحسن ، أن الهواة في العلوم والفنون والآداب ، هم الذين يقودونها إلى السحاب ، ولكن إذا اقترنت الهواية بالدراسة والتعليم، تحققت الغاية بأحسن تقويم .

الموجة الثانية

واعرف يا حسن ، يا من لُقبت باسمه فنادوني "أبا الحسن" ، أن هذا العلم ينقسم على وجه الإجمال إلى فرعين ، كبيرين مترابطين ، وهما : العتاد أو "الهارد وير" ، والبرامج أي "سوفت وير" .
فأما العتاد ، وقاك الله شر العناد ، فيرتكز على دراسة المكونات الإلكترونية ، وتكوين الدوائر الكهربية ، بينما البرمجة تركز على تشغيل ذلك العتاد بلغة مدمجة ، وسنقول عن ذلك بشيء من التفصيل ، بعد قليل .
كذلك ينقسم العتاد ، جعلك الله مع الخير في ميعاد ، إلى أنالوج أي تناظري ، وديجيتال أي رقمي ، فأما التناظري فلا يحتاج إلى برمجة ولا لغة مدمجة ، لأن كل قطعة تقوم بعمل محدد ، مثل الترانزيستور والمقاومة والموحد ، وأما الديجيتال ، ففيه اتساع مقال ، ويشمل الميكروكونترولر وتشيبات الذاكرة على الإجمال ، ويتوجب برمجة مكوناته ، بلغة مناسبة لذاته ، وهو ما يسمى سوفت وير ، وقاك الله شر الغير ، ومن بين هذه اللغات ، فيجوال بيسيك وأسمبلي وسي وغيرها كثيرات .

الموجة الثالثة
وينبغي يا بُنيّ ، يا أعز من عَينَيّ ، على طالب هذا العلم الخطير ، الذي تقدمت به دول العالم وتطير ، ونحن - ولا شكوى إلا لله- مازلنا نتعثر في حفر الأساطير ، أن يأخذ طرفا من كل تلك الأقسام التي ذكرتُ ، وإليها أشرت .

الموجة الرابعة
ولعلك تعرف أنني قد عزمت فيما مضى يا حسن ، يا صاحب الفأل الحسن ، أن أؤلف موسوعة إلكترونية ، اعتمادا على ترجمة مقالات إنترنتية ، وبدأت في هذا الطريق الوعر ، منذ عشر سنوات ، بل وأكثر ، لكنّ الله الكريم ، ذا المن العظيم ، وفقني لإتمامها كما أحببت ، وجاءت في 38 مقالا كما أردت وخططت .

الموجة الخامسة
وبعد أن غمرتني موجةُ رحمةٍ من الرحمن الرحيم ، وأنا أمشي في صحراء الحياة وأهيم، رأيت أن أنشرها : وأخسر عائد طباعتها من المال ، وأكسب عائد صدقتها : خير مآل ، عند من لا يخيب راجيه ، ولا يضيع سعي المتودد إليه .
وستجد في هذه الموسوعة الشاملة ، الكثير من الدوائر ذات الفائدة الكاملة ، أدعو الله أن يفيد من قرأها وطالعها ، وأن يريني - وأنا في الدنيا - داري في الجنة وأطالعها .